من المعلوم أن أرسطو يعتبر
أن الفلسفة غير معنية بالتاريخ، لأن التاريخ يدرس الأحداث الخاصة، بينما تبحث
الفلسفة عن المبادئ العامة. بل يُدخل أرسطو الشعر في اهتمامات الفلسفة ويقصي
التاريخ؛ لأن الشعر هو الطموح الأزلي لتعقل المشاعر، والصراعات النفسية الداخلية
لأبطال التراجيديا. والتراجيديا هي محاولة إيجاد معنى عقلاني، وكوني، لجملة مشاعر
الكائن البشري.
وستهيمن فلسفة أرسطو غير المكترثة
بالتاريخ حتى منتصف ق 18، حينما كشفت الثورتان الفرنسية والأمريكية على أن الحاضر
يمكن أن ينطوي على قطيعة جذرية مع الماضي. حينها بدأت الفلسفة تتأمل في ما إذا كان
للعقل أخلاق جوهرية، ومسؤولية اجتماعية. من هنا تطورت علاقة حيوية بينها وبين
التاريخ. فقد أُعجب كانط –رغم نزعته المحافظة-
بالروح الثورية التي منحت الأفراد استقلالهم الخاص في مواجهة التسلط، حتى سلطة
الماضي. وبدا لكانط، كما لغيره من فلاسفة التنوير، أن ثقة العقل بذاته ستكون لها
آثارها التاريخية اللاحقة. وبقي العقل ملكة ذهنية، وقوة مستقلة عن عرضية التاريخ.
ولكن بإمكانية جديدة هي: تفصيل الحاضر، على مقاييس مستقبل أفضل.
بعد كانط بجيل واحد، سيقوم هيغل بالخطوة
الأخيرة في تقليص المسافة بين الفلسفة والتاريخ، لتنقلب حكمة أرسطو مع هيغل: ليس
هنالك شيء فلسفي أكثر من التاريخ. بل يفاجئنا هيغل بأن: العقل نفسه محكوم
بالتاريخ.
المرجع: https://almizane.com/10270.html