في رحاب العلوم الانسانية  في رحاب العلوم الانسانية
random

المحور الثاني: العقلانية العلمية

                      المحور الثاني: العقلانية العلمية



اشكال المحور: ماهي أسس العقلانية العلمية؟ وما هي خصائصها وحدودها؟

معالجة الاشكال:

أشار كانط في كتابه " نقد العقل الخاص" الى ضرورة ربط العقل بالتجربة على اعتبار أن المعرفة تتضمن مكونين أساسيين: معطيات التجربة من جهة، وأحكام العقل من جهة أخرى، إذ لا وجود لتجربة مستقلة عن العقل، كما أنه لا وجود لعقل معزول.

 ورغم هذا النقد الذي وجهه كانط الى التيار العقلاني والتجريبي إلا أنه ظل حبيس عقلانية كلاسيكية تؤمن بعقل يملك صفات أولية ومبادئ ومقولات قبلية. لذا يشير "بلانشي" إلى أن العقل في العلم المعاصر لم يعد منغلقا ومرتبطاً ببنية تقليدية قائمة على مجموعة من المبادئ الفطرية، أو القبلية، كما كان سائدا، بل أصبح عقلا تطورياً يتغير بتغير عالم التجربة ذاته؛ بحيث لم تعد مهمة العقل منحصرة في تنظيم التجربة وترييضها، بل إنه يعمل على تنظيم ذاته أيضاً.

وفي إطار العقلانية المعاصرة لم يعد ينظر إلى العقل على أنه مكتف بذاته ومعزولا عن الواقع، كما لم يعد ينظر الى التجربة على أنها تتحكم في البناء النظري للعلم، كما كانت تعتقد النزعة الاختبارية، بل إن العقلانية العلمية مبدعة لمفاهيمها بواسطة العقل الرياضي. صحيح أن التجربة تساعد العالم على اختيار مفاهيمه ومبادئه، ولكن يبقى العقل الرياضي هو منبع النظرية كما يؤكد اينشتاين.

من هذا المنطلق، كانت المعرفة العلمية قائمة على أساس العلاقة الجدلية بين العقل والتجربة، لأنه لا وجود لنظرية علمية عقلية خاصة، كما لا وجود لتجربة علمية مستقلة عن العقل، بل هناك حوار جدلي بين النظرية والتجربة في العلم المعاصر، الذي يعطي معاني جديدة لمفاهيم: العقل، التجربة، الواقع، الذات، الموضوع، اليقين، الكذب، الخطأ.

إن التفكير العلمي المعاصر لا يقبل التسليم بوجود مبادئ عقلية سابقة على التجربة، ويعتبرها مجرد قواعد للنشاط الذهني تعبر عن قدرة العقل على انتاج عملياته الخاصة، وعلى انشاء منظومات من القواعد الإجرائية، وعلى تطبيقها واختبارها. ويؤكد "غاستون باشلار" في هذا السياق على ضرورة الأخذ بموقف يؤمن بحوار العقل والتجربة، لتأسيس الدليل العلمي، أو ما يسميه بالعقلانية المطبقة.

وبناء عليه، فإن العقل لا ينتج المعرفة فحسب، بل يتعلم منه أيضاً كما أن العقل العلمي على استعداد دائم لإعادة النظر في مبادئه وأفكاره ومناهجه، من هنا كان عقلا متطوراً منفتحاً، نقدياً ونسبياً، تتغير بنيته بتطور المعرفة العلمية ذاتها.

prf Selmani Said


عن الكاتب

في رحاب العلوم الانسانية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

في رحاب العلوم الانسانية

2025