في رحاب العلوم الانسانية  في رحاب العلوم الانسانية
random

المحور الأول: التجربة والتجريب

المحور الأول: التجربة والتجريب

اشكال المحور: ما دلالة الفرق بين التجربة والتجريب؟ وما الوضع الذي يأخذه التجريب في بناء النظرية العلمية؟

معالجة الاشكال:

ترتبط التجربة بالحواس وبما هو مباشر وتأخذ طابعا عاما وانطباعا حسيا بسيطا، فالتجربة ملاحظة عامية تنتج عن الاحتكاك المباشر مع الوقائع وتفقد الدقة والصرامة، كما أنها عبارة عن خبرة مكتسبة من الحياة لا تنتج معارف علمية بقدر ما تنتج بادئ الرأي والتمثلات المشتركة التي كانت عائقا أمام تقدم العلم حسب "ألكسندر كويري". أما التجريب فهو المساءلة المنظمة والمنهجية للطبيعة من خلال لغة علمية (رياضية).

إن التجريب العلمي هو التجربة المعقلنة التي من خلالها يخضع المجرب الظاهرة المدروسة الى ترتيبات نظرية محددة قبليا، وبعبارة أدق، كل تجربة علمية تجرى في إطار (بروتوكول التجريب) الذي يمثل الإطار التقني والعلمي لكل تجربة. إذن، فما هي خطوات ومبادئ المنهج التجريبي؟

يجيب "كلود برنار" بالقول: تتطلب إحاطة العالم بمبادئ المنهج التجريبي الالتزام بشرطين أساسيين: يتمثل الأول في توفره على فكرة يعمل على فحصها انطلاقا من وقائع صحيحة ومنظمة، أما الثاني فيتمثل في ضرورة استخدام العالم كل الأدوات التي من شأنها أن تمكنه من ملاحظة الظاهرة المدروسة ملاحظة دقيقة وشاملة. فعلى العالم الملاحظ للظواهر أن ينصت إلى الطبيعة وينقل بدقة كل ما هو موجود فيها، ويسجل ما تمليه عليه. من هنا تأتي الملاحظة في بداية المنهج التجريبي، ثم تتلوها الفكرة العقلية التي تسعى إلى تفسير الظاهرة، وبعد ذلك يتم التأكد من الفرضية المفسرة عن طريق التجربة العلمية التي تعتبر معيارا للتحقق من صحة الفرضية أو عدم صحتها. فالتجربة في المنهج الكلاسيكي تعتبر منطلق بناء النظرية العلمية، وهي المعيار الوحيد لصلاحيتها.

لا أحد يشك في خصوبة وفعالية المنهج التجريبي والنتائج المهمة التي حققها سواء في مجال الفيزياء أو الكيمياء أو البيولوجيا أو العلوم الأخرى التي أخذت به، لكن التقدم الذي حققه العلم بصفة عامة، والفيزياء بصفة خاصة، عندما وجهت دراستها إلى الجزئيات أو ما يسمى ب(الميكروسكوبي)، فرض على العلماء ألا يلتزموا بخطوات المنهج التجريبي وترتيبها، وأن يعملوا على تكييفه مع ما يقتضيه الواقع العلمي الجديد، حيث أصبح العالم أو الدارس يتدخل في الظاهرة المدروسة بالإضافة أو الحذف أو التعديل، والتصويب أو العزل أو تسليط تأثيرات يقترحها، حتى أصبح الدارسون يتحدثون عن منهج تجريبي جديد؛ ومعنى ذلك، أن العالم لا يبقى حبيس خطوات المنهج التجريبي في صورته الكلاسيكية، بل إنه يبدع كيانات خيالية، يستطيع التأكد منها في ذهنه، وليس دائما في الواقع.

إن للتجريب إذن، وجهين: وجه كلاسيكي وآخر معاصر مرتبط بالعقلانية العلمية المعاصرة، وهذا الأخير أكثر انفتاحاً واتساعاً من الأول، والجدول الآتي بين الفوارق بينهما:

 

الواقع

الإجراءات المنهجية

المفاهيم

الأحكام

العقلانية

المنهج التجريبي الكلاسيكي

-الطبيعة يتم نقل الظاهرة العلمية الى المختبر لدراستها.

-مجال ماكروسكوبي

المراحل الأربعة

فصل الزمان عن المكان، والدارس عن المدروس

يقين مطلق

ثابتة مطلقة لها محتوى ولها مضمون.

المنهج التجريبي الجديد

-صنع الظاهرة داخل المختبر، فتتم دراسة العلاقات وليس الحادث العلمي فقط.

-واقع اصطناعي مبني، يتدخل فيه العالم بأجهزته.

-مجال ميكروسكوبي

-فرضي-استنتاجي، يضع العالم فرضياته ثم يستنتج استنتاجاته ليتحقق من صحتها بالتجربة وفي الأخير يلجأ الى "التجربة الذهنية الخيالية"

وحدة بين المفاهيم: (زمكان)، (كتلة-طاقة)، (دارس-مدروس).

يقين نسبي قائم على النقد والتقدم

بنية متغيرة، ومتطورة، وتصحح أخطاءها باستمرار. إنها نشاط وفعالية.

 تركيب:

تنفتح إشكالية هذا المحور على أطروحتين الأولى تولي الأهمية للملاحظة وهو ما تتبناه النزعة التجريبية، والثانية تولي الأهمية للفرضية العلمية وهي النزعة العقلانية المعاصرة، وبناء عليه، فإن المعرفة العلمية تقتضي وجود كل من العقل والتجربة، فبدونهما لا مجال للحديث عن معرفة علمية.

prf Selmani Said


عن الكاتب

في رحاب العلوم الانسانية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

في رحاب العلوم الانسانية

2025