في رحاب العلوم الانسانية  في رحاب العلوم الانسانية
recent

آخر المقالات

recent
random
جاري التحميل ...

المحور الأول: الشخص والهوية

 المحور الأول: الشخص والهوية

المحور الأول: الشخص والهوية

المحور الأول: الشخص والهوية

اشكال المحور: يرتبط مفهوم الشخص بالكائن الإنساني دون سواه والذي يتوفر على هوية([1]) خاصة، لكن من أين يستمد هذه الهوية؟ هل من فكره وعملياته العقلية أم من شعوره وأفعاله؟ أم من طبعه وذاكرته؟ أم من بعده الداخلي الروحي؟

معالجة الاشكال:

يؤكد "ديكارت" كعقلاني أن هوية الشخص تتحدد في أفعال التفكير التأملي (الشك الفهم الاثبات النفي التخيل..) وهذا التعدد في أفعال الأنا لا ينفي هويتها باعتبارها أنا واحدة ثابتة. لكن ديكارت لا يتحدث عن الشخص إلا في بعده المعرفي الميتافيزيقي؛ أي ذات منفصلة عن وجودها. من هنا كانت هويته ثابتة ومجردة لا تتضمن أي تصور لما هو اجتماعي تاريخي وأخلاقي في تحديد هوية الشخص.

في حين يؤكد "جون لوك" كتجريبي، أن الشخص كائن مفكر يستطيع معرفة ذاته بأنها هي نفسها، وأنها تفكر في أزمنة وأمكنة مختلفة، وذلك عن طريق وبواسطة الشعور الذي لا ينفصل عن الفكر. فالشعور المقترن بالفكر هو ما يجعل كل شخص هو نفسه ويتميز عن غيره، ورغم ما يعتري الشخص من تغيرات، الا أنه مع ذلك يظل هو هو؛ أي يمتلك هوية شخصية ثابتة ندركها بواسطة الشعور والذاكرة (الوعي اللحظي + الوعي التذكري).

كما يؤكد "لاشوليي" أن هوية الشخص معطى أولياً أصلياً في شعورنا، فهوية الشخص حسبه نتاج لآليات نفسية تحافظ على وحدة الشخص وهويته: أولها وحدة الطبع أو السمة العامة للشخصية التي هي ضمان هويتها، فمن خلال هذه الآلية يحافظ على نفس ردود الفعل المشتركة مع جنسه. وثانيها هي الذاكرة التي تضمن بدورها وحدة الشخص وتربط حاضره بماضيه، فيتحقق بموجب ذلك التناغم بين ماضي الذات وحاضرها. في حين يذهب "إمانويل مونييه" إلى القول: بأن الهوية ترتبط بما هو داخلي روحي.

وخلافا للموقف الذي يعتبر الشعور والذاكرة، أو العقل التأملي المجرد، أساساً للهوية، يرى موقف آخر أن العقل مجرد تابع لقوة هي الإرادة؛ أي إرادة الحياة التي تفرض نفسها علينا. فالإرادة هي أساس الهوية الشخصية حسب "شوبنهاور" لأنها تظل قائمة عندما ننسى أو نتغير، فكل شخص يأتي إلى العالم مالكاً إرادة تجعله مقبلا على الحياة وراغباً عن كل ما يمكن أن يحول دونها..، فالإرادة هي العنصر الوحيد الملازم للشخص منذ ولادته إلى حين وفاته.

نسجل إذن اختلاف المواقف الفلسفية ونحن بصدد تحديد أساس هوية الشخص، وهو اختلاف نابع من اختلاف التصورات الفلسفية، ومن تعقد المفهوم الذي نحلله. فالشخص مفهوم اشكالي لا يمكن اعتباره جوهرا ثابتا بالرغم من الوحدة المفترضة التي يتمتع بها عبر مسارات حياته، كما لا يمكن اختزال الشخص في الأنا المفكرة وحدها.

وانطلاقا من الايمان بوحدة الشخص ومن الايمان بتعقد عملياته الفكرية – النفسية، يمكن التأكيد على أن هوية الشخص تستمد من كل ما سبق ذكره، ومن تداخل ما هو ذاتي مع ما هو موضوعي عبر سلسلة من التفاعلات والعلاقات الجدلية التي يحياها الكائن الإنساني.

prf selmani said

شاهد أيضا:

م2- الشخص بوصفه قيمة



[1] هوية Identité: يدل اللفظ على الخاصية التي بموجبها إما تطابق الذات ذاتها فتكون هي هي، وإما من حيث أنها تميز الذات عن غيرها. فالهوية إذن مبدأ وحدة واختلاف.

عن الكاتب

في رحاب العلوم الانسانية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

في رحاب العلوم الانسانية