في رحاب العلوم الانسانية  في رحاب العلوم الانسانية
recent

آخر المقالات

recent
random
جاري التحميل ...

المحور الثالث: العلاقة مع الغير

 المحور الثالث: العلاقة مع الغير

المحور الثالث: العلاقة مع الغير

المحور الثالث: العلاقة مع الغير

اشكال المحور: تختلف أوجه علاقتنا مع الغير، بحسب قربنا منه أو بعدنا عنه؛ فنَهتمّ به إن كانت تربطنا به علاقة قرابة (أم، أخ، جد..) أو علاقة حميمية (صديق، حبيب..)، لكن قد لا نبالي به إن كان لا يمثل بالسبة لنا شيئا، وقد ندخل معه في صراع، إن كان منافسا أو عدوا. وبصفة عامة يمكن اختزال علاقتنا بالغير من الناحية العملية الأخلاقية على الأقل في نموذجين اثنين:

علاقة إيجابية: سمتها الحب والاحترام والتعاون، وتشكل الصداقة نموذجها الأرقى.

علاقة سلبية: سمتها التوتر والصراع والاقصاء والتهميش والاستلاب، ويجسد الغريب مثالا واضحا عليها. فكيف ينبغي التعامل مع الغير سواء اتخذ وجه الصديق أو اتخذ وجه الغريب؟

معالجة الاشكال:

1 - المواقف المدافعة عن العلاقة الإيجابية:

إن العلاقة مع الغير حسب أرسطو يجب أن تأسس على الإيجابية المتمثلة في الصداقة كقيمة أخلاقية عليا منزهة عن كل منفعة أو متعة. فهذه العلاقة الإيجابية المبنية على صداقة الفضيلة حاجة ضرورية ولا يمكن الاستغناء عنها تحت أي ظرف، وهي الملاذ الوحيد لبناء عالم يسوده السلم والأمان.

وفي نفس السياق يذهب كانط الى القول بأن علاقة الأنا مع الغير ينبغي أن تؤسس على مبدأي: الحب والاحترام ضمن مبادئ أخلاقية وعقلية كونية، وفي غياب تام للمنفعة المباشرة والآنية.

ونفس الطرح يدافع عنه أوجيست كونت من خلال دعوته الى نشر قيم العقل والعلم والتضامن، لأن كل شيء فينا ينتمي الى الإنسانية، وهي أن يحيا الانسان من أجل غيره. فالغيرية إذن، هي وحدها الكفيلة بتثبيت مشاعر الخير بين الناس.

وفي مقولاته الشهيرة "الانسان يولد خيرا والمجتمع هو الذي يفسده" يؤكد جون جاك روسو بأن الانسان ينفر من فعل الشر بطبعه. وبناء عليه؛ فمبدأ الشفقة هو الذي يؤسس العلاقة بين الذوات، فهي التي عوضت القوانين في حالة الطبيعة لأنها صوت الخير، انطلاقاً من قاعدة: "ابحث عن خيرك دون أن تؤذي الغير ما أمكن". 

2 - المواقف المدافعة عن العلاقة السلبية:

رغم أهمية المواقف التي تنحو نحو العلاقة الإيجابية بين الذوات، إلا أن العديد من الفلاسفة ذهبوا الى القول بأن هذه الإيجابية لا تعني غياب الصراع بين الذوات، فإذا كان الانسان خير بطبعه فهو أيضا شرير بطبعه.

إن الوضع البشري حسب "الكسندر كوجيف" لا يقوم فقط على وجود بشري متساوي القيمة بل على وجود متفاضل فيه السيد وفيه العبد. إنه عالم الصراع الأبدي الذي لا ينتهي، فيه القوي وفيه الضعيف، فيه الغالب والمغلوب حسب تعبير ابن خلدون.

ومما يزكي هذا الطرح ما أثبته فرويد في تحليلاته للبنية السيكولوجية للإنسان، مبرزاً أن كل خبرات الحياة والتاريخ تبين أن الانسان اناني وعدواني بطبعه. فالعدوانية تقبع في بنيتنا النفسية اللاشعورية، يقول: "إن الحرب أمر طبيعي تماماً...فثمة غريزة للكراهية والتدمير تلتقي في منتصف الطريق مع تجار الحرب".

نسجل إذن اختلاف التصورات الفلسفية ونحن بصدد الحديث عن إشكال العلاقة مع الغير، لكن ما ينبغي التأكيد عليه هو أن الغير سيبقى حاضرا أمام الأنا وبصحبتها أبداً مهما كانت التحديات والاكراهات، لأننا نتقاسم عالما واحدا، وعليه، فالذوات مضطرة للتعايش والتفاهم وإيجاد شروط وقواعد تجعلنا قادرين على تحمل بعضنا البعض، والعمل على تحقيق السلم وتقاسم خيرات العالم.

prf selmani said

عن الكاتب

في رحاب العلوم الانسانية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

في رحاب العلوم الانسانية