المجزوءة الثالثة: السياسة/مدخل عام
تقديم المجزوءة:
يرتبط التصور
الحديث للسياسة باعتبارها علم تدبير شؤون المجتمع بدولة الحق، التي تعتمد في
ممارسة السلطة على الدستور. وقد كانت نظرية العقد الاجتماعي التعبير الأول
عن هذا التصور الذي دعا إلى إقامة الدولة على أساس تعاقدي يتنازل فيه الأفراد عن
جزء من حرياتهم الطبيعية ويمتثلوا بشكل طوعي لسلطة لها حق السيادة لأنها تمثل
المجتمع.
من هنا تطرح
تساؤلات حول مشروعية الدولة؛ أي مدى أحقيتها في ممارسة السلطة ومدى التزامها
بالقوانين السائدة أي شرعيتها ومشروعيتها، والغاية القصوى من وجودها، كما سيتم
التساؤل حول طبيعة السلطة، هل ترتكز في أجهزة سياسية إدارية تراتبية، أم هي
استراتيجيات وخطط تعم الجسم الاجتماعي برمته، كما ستطرح تساؤلات تتعلق بمعنى الحق
والعدالة، فهل الحق طبيعي أم وضعي؟ وإلى أي حد يعتبر القانون ضامناً للعدالة؟
المفهوم الأول: الدولة
تقديم:
ينظر إلى الدولة على أنها تنظيم سياسي يكفل حماية القانون وتأمين النظام لجماعة من الناس تعيش على أرض معينة بصفة دائمة، وتجمع بين أفرادها روابط تاريخية وجغرافية وثقافية مشتركة. ولذلك لا يمكن الحديث عن الدولة في مجال ترابي معين إلا إذا كانت السلطة فيها مؤسساتية وقانونية، وأيضا مستمرة ودائمة لا تحتمل الفراغ
.كما يقترن اسم الدولة بمجموع الأجهزة المكلفة
بتدبير الشأن العام للمجتمع. هكذا تمارس الدولة سلطتها بالاستناد إلى مجموعة من
القوانين والتشريعات السياسية التي تروم تحقيق الأمن والحرية والتعايش السلمي. وهذا ما يجعلنا نتساءل عن المشروعية التي تتأسس عليها الدولة من جهة،
وعن الغاية من وجودها من جهة أخرى؟
كما تدفعنا إلى التساؤل عن طبيعة ممارسة
الدولة لسلطتها السياسية؟ وعن مدى مشروعية الدولة في استخدام العنف؟
prf Selmani Said