في رحاب العلوم الانسانية  في رحاب العلوم الانسانية
recent

آخر المقالات

recent
random
جاري التحميل ...

المحور الثالث: الدولة بين الحق والعنف

 المحور الثالث: الدولة بين الحق والعنف

المحور الثالث: الدولة بين الحق والعنف

المحور الثالث: الدولة بين الحق والعنف

اشكال المحور: كيف تمارس الدولة سلطتها، هل بالقوة أم بالقانون، بالحق أم بالعنف؟ وفي جميع الأحوال، هل تستطيع الدولة أن تدبر شؤونها دون الاستعانة بالعنف، أم أن هذا الأخير وسيلة لا يمكن الاستغناء عنها؟ وما هي أشكال العنف التي تسخرها الدولة لتحقيق أهدافها؟

معالجة الاشكال:

يقول انجلز " الدولة هي " دولة الطبقة الأقوى أي الطبقة التي تسود وتسيطر اقتصاديا ثم بفضله تسود سياسيا وتختار بذلك وسائل لاستغلال الطبقة ".

تصور ماركس وأنجلز:


يؤكد هذا التصور على الآتي:

-  ان الدولة هي جهاز قمعي يعمل على الحفاظ سياسيا على هيمنة الطبقة الأقوى اقتصاديا.

- صراع كل الطبقات يدور حول الهيمنة على الدولة وعلى أجهزتها وقواها.

- غاية الصراع الطبقي يتمثل في السيطرة على جهاز الدولة وتحويله لخدمة أهداف البروليتاريا. ولتحقيق العدل والمساواة يجب القيام بالآتي:

1- تدمير جهاز الدولة البورجوازية وتعويضه بجهاز الدولة البروليتارية في مرحلة أولى. (الدولة الاشتراكية)

1-   في مرحلة ثانية يتم وضع مسار جذري يتم خلاله تذويب الدولة وتحقيق المساواة والعدالة والتشارك في الخيرات. (الدولة الشيوعية).

يقول ماكس فيبر: "يتعين أن نتصور الدولة المعاصرة على أنها الجماعة الإنسانية التي تطالب بنجاح بأن تحوز حق احتكار العنف المادي المشروع من طرفها في إطار حيز ترابي محدد".

موقف ماكس فيبر:

من خلال هذا القول يؤكد فيبر على الآتي:

 - إن الدولة هي صاحبة حق امتلاك العنف المشروع.

- إن جوهر السلطة هو ممارسة العنف، وأن هذا الأخير هو الوسيلة المميزة لها.

- الدولة المعاصرة هي الوحيدة التي تحتكر العنف المادي المشروع، بحيث لا تسمح لأي فرد أو جماعة ما بممارسته إلا بتفويض منها.

وهكذا تعتبر الدولة في نظر فيبر هي المصدر الوحيد الذي من حقه ممارسة العنف المادي. لكن ألا تتعارض ممارسة العنف مع المواصفات التي يجب أن تتوفر في دولة الحق؟

موقف جاكلين روس:

على النقيض من "ماكس فيبر" ترى "جاكلين روس" أن الدولة المعاصرة هي دولة قائمة على الحق وعلى مبدأ احترام الشخص الإنساني. فدولة الحق والقانون تؤدي إلى ممارسة معقلنة للسلطة، وهي دولة تتخذ ثلاث ملامح أساسية وهي:

الحق: الذي يتمثل في احترام الحريات الفردية والجماعية التي تتمسك بالكرامة الإنسانية ضد كل أنواع العنف والقوة والتخويف.

القانون: أي أن الكل يخضع لقانون وضعي تابع للمبدأ الأخلاقي، مع إمكانية حمايته من لدن قاض.

فصل السّلط: (السلطة التنفيذية، التشريعية، القضائية)، وهي الآلية التي تحمي الدولة من السقوط في يد الاستبداد.

إن دولة الحق والقانون ليست صيغة جامدة، وإنما هي حسب جاكلين روس عملية بناء وإبداع دائم للحرية.  وإن الفرد في دولة الحق هو قيمة عليا ومعيار أسمى لصياغة القوانين والتشريعات التي تمنع كل أنواع الاستعباد والاضطهاد التي قد يتعرض لها. فالدولة مجرد وسيلة لخدمة الفرد، فهذا الأخير غاية أسمى وكل تشريع يجب أن يصب في صالحه. ودولة الحق تتمسك بكرامة الفرد ضد كل أنواع العنف والتخويف.

استنتاج عام:

نخلص إلى القول: إن الدولة في ممارستها لوظائفها واختصاصاتها، لا تكتفي بالوسائل القانونية فقط بل تلجأ أيضاً إلى استعمال العنف، الذي تحتكره باسم تحقيق النظام ونبذ الفوضى. لكن هذا لا يجب أن يؤدي الى استبعاد كل إمكانية لقيام دولة المؤسسات والحق والقانون، التي تجمع بين الاخلاق والسياسة في تدبير عقلاني للشأن العام، فكرامة الانسان وحريته تتحقق في ظل دولة الحق والقانون، وليس في حضن دولة الاستبداد والطغيان والتسلط التي تفتقد الى المشروعية، وقد أثبت التاريخ أن الدول التسلطية غالباً ما يكون مصيرها الاضمحلال.

ويشهد التاريخ اليوم مع ظهور العولمة بداية – نهاية ما يعرف بالدولة القطرية، وبداية ما يمكن تسميته بعولمة الدولة في ظروف دولية معقدة. وإذا كانت السياسة ليست تطرفاً وتسلطاً بل هي رفق واعتدال كما يقول ابن خلدون. فأي رفق وأي اعتدال يمكن التمسك به اليوم في ظل شبح العولمة؟

prf Selmani Said

عن الكاتب

في رحاب العلوم الانسانية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

في رحاب العلوم الانسانية