في رحاب العلوم الانسانية  في رحاب العلوم الانسانية
recent

آخر المقالات

recent
random
جاري التحميل ...

"هل تقوم دولة الحق على العنف؟"


إنشاء فلسفي
 من اقتراح ليلى رابح


الموضوع الأول
السؤال:
"هل تقوم دولة الحق على العنف؟"


الإنشاء
        

يتأطر السؤال ضمن مجزوءة السياسة تحديدا مفهوم الدولة حيث يعالج إشكالية الدولة بين الحق والعنف. و يمكن          طرح جملة من الأسئلة التي تصب في الإشكال الذي سوف تتم معالجته: ما الأساس الذي تقوم عليه الدولة؟ هل عل أساس القوة والعنف أم على أساس الحق والقانون؟
بداية نرى ضرورة الوقوف عند تحليل ألفاظ مفاهيم عبارة السؤال المطروح:
- هل: أداة استفهامية تخيرية
 بين قصتين متقابلتين قد يصرح بهما معا وقد يصرح بإحداهما ويتم إضمار الأخرى كما في حالة السؤال، أن الطابع الاستفهامي لهذه الأداة يفترض إجابتان محتملتان هما، إن أساس الدولة هو العنف، إن أساس الدولة هو الحق القانون.
- الدولة: مجموعة من المؤسسات والأجهزة تسهر على تنظيم شؤون المجتمع داخل مجال ترابي محدد وضمن مفهوم السيادة وتضم أيضا شعبا.
- الحق: هو الثابت الذي لا يسوغ إنكاره أي اليقين وما يجب أن يكون، ويقصد به كل ما هو مطابق لقاعدة محددة ومشروعه سواء أن كانت قانونية، أخلاقية، أم اجتماعية.
- وهو ما تسمح به القوانين الوضعية بفعله سواء كان نتيجة مبدأ يسوغ كل فعل محضور أو ما تسمح العادات والأخلاق بفعله.
- العنف: استخدام القوة استخداما غير مشروع أو غير مطابق للقانون فهو مضاد للرفق والاعتدال ومرادف للقسوة والشدة.
ينطوي السؤال على أطروحة مفترضة تقول بأن أساس الدولة هو العنف، حيث أنه لا يمكن قيامها بالاعتماد عليه أو التوسل به، فالعنف شرط ضروري لقيام واستمرار الدولة.
لكن إلى أي حد يمكن قبول التصور؟ هل هناك من مواقف تؤيد أو تخالف هذا التصور؟
الموقف المؤيد: ماكس فيبر "مشروعية العنف" يذهب ماكس فيبر في كتابه "العالم والسياسي" إلى التأكيد على أن الدولة هي الجهاز الوحيد الذي يمتلك الحق في ممارسة العنف واحتكاره إذ لا يحق لأي فرد كان أن يمارس هذا العنف المادي إلا بتفويض من الدولة نفسها كما لا يمكن في نظره الحديث عن وجود الدولة كجهاز تنظيمي في غياب العنف بوصفه الوسيلة المميزة للدولة التي تحتكر لنفسها مشروعية تنفيذ العقوبات على الأفراد وذلك باسم القانون فالعنف بهذا المعنى إذن هو الأداة المفضلة للدولة من أجل الحفاظ على النظام وضمان استمراريته، إنه عنف مشروع ومبرر، فهل يمكن القبول بهذا التصور كحل لإشكالية سلطة الدول؟ وهل العنف هو السمة المميزة الوحيدة لسلطة الدولة؟  ألا يمكن أن نجد لسلطة الدولة مسارا إنسانيا يقوم على الحق؟
        مقابل هذا التصور يمكن استحضار موقف فلسفي آخر الذي عالج الموضوع من زاوية أخرى ويتعلق الأمر هنا بالفيلسوف سبينوزا الذي يرى أن الغاية من تأسيس الدولة ليست السيادة أو إرهاب الناس وجعلهم يقعون تحت نير الآخرين بل هي تحرير الفرد من الخوف بحيث يعيش كل فرد في أمان بقدر الإمكان أي أن يحتفظ بقدر المستطاع بحقه الطبيعي في الحياة وفي العمل دون إلحاق الضرر بالغير فليس العنف إذن في نظره الطريقة السليمة لتسيير دواليب الحكم لأن الدولة تعرف بالسلطة لا بالعنف لأن السلطة لها طابع التنظيم لا الفوضى.
يتبين مما سبق الطابع الإشكالي لموضوع السؤال حيث يمكن القول أنه ينطوي على عدة مفارقات فإذا كان البعض يؤكد على أن أساس الدولة والوسيلة الوحيدة التي تستمد منها مشروعيتها هي العنف فهناك في المقابل من أكد على أن العنف ليس الطريقة السليمة لتسيير وتنظيم الدولة، فما هي إذن الوسيلة الأهل التي يمكن للدولة أن تستمد مشروعيتها منها وتكون في نفس الوقت الطريقة الأساسية للحكم وهل يمكن أن تقوم الدولة على أساس ما هو عادل؟

مع تحيات موقع تفلسف
tafalsouf.com






عن الكاتب

في رحاب العلوم الانسانية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

في رحاب العلوم الانسانية